قصة قصيرة امام الزمان (عليه السلام) يغسل الدم
صفحة 1 من اصل 1
قصة قصيرة امام الزمان (عليه السلام) يغسل الدم
قصة قصيرة امام الزمان (عليه السلام) يغسل الدم
اسمه الحاج محمد حسن . من مخلصي شيعة مولى المتقين الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) . كان معاصراً للمرحوم آية الله سيد مهدي بحر العلوم (طيب الله ثراه) (1) و كان صاحب مقهى على نهر دجلة في بغداد ، هي مصدر رزق له و لأسرته .
في صباح أحد الأيام .. كان الطقس لطيفاً رائقاً بعد أن نثـّت السماء برذاذ من المطر ، حين كان الحاج محمد حسن فتح تواً باب المقهى ، و إذا كان يحضـّر الشاي ، رأى ضابطاً ناصبياً معادياً لأهل بيت الوحي (صلوات الله عليهم) يقبل إلى المقهى ، قبل أن يرِد أحد من الزبائن .
________________________
1- توفى سيـّد مهدي بحر العلوم (رضوان الله تعالى عليه) عام 1212هـ 0 ( المترجم)
و ما أن جلس الضابط الناصبي في المقهى حتى راح يكيل الشتائم القبيحة لأهل بيت العصمة و الطهر (عليها السلام) .. و بخاصة أمير المؤمنين علي أبن ابي طالب (عليه السلام) و الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء (سلام الله عليها ) . كان مندفعاً في فورة من الشتائم و السـّباب و كأنما هو منجرف في تيار من الألفاظ النابية البذيئة لا يقوى على إيقافه . كان يهمهم بصوت خفيض .. ثم يكيل الشتائم للأمام (عليه السلام).
أما الحاج محمد حسن .. فقد فارت في عروقه دماء الغيرة ، و أخذته حمـّية الحق المقدسة ، و لم يبالي – إزاء ما يسمع و يرى – بعواقب الأمور.
تطلع فيما حوله .. فلم ير أحداً غير هذا الضابط الناصبي الكافر . و في لحظتها قـّرر أن يقتله . و لكن .. كيف ؟! مع الضابط سلاح .. و الحاج محمد حسن أعزل لا سلاح معه .
و تفطن فجأة إلى أمر عثر فيه على ما يريد . فكر في سـّره : من الأفضل أن أتظاهر إزاءه بالمودة ، ثم أتناول سلاحه من يده و أقضي بسلاحه عليه.
و مضى فعلاً إليه . قدم له فنجاناً أو فنجانين من الشاي الساخن الجيد التحضـير ، و تلطف معه في القول . ثم قال له باحترام ظاهر : يا رئيس .. يبدو أن الخنجر الذي في حزامك من النوع الرائع جداً .. بكم اشتريته ؟ و في أي بلد مصنوع ؟
مد هذا البليد المغرور يده إلى حزامه فأخرج خنجره ، و وضعه في يد الحاج محمد حسن قائلاً بزهو : نعم ، أنه خنجر نفيس . لقد اشتريته بثمن كبير ، و نقشت اسمي عليه . أنظر إليه !
أمسك الحاج محمد حسن بالخنجر ، و أخذ ينظر إليه بكل و برود .. متحيناً الفرصة المواتية إذا ما غفل الضابط الناصبي لينفذ ما عزم عليه . و في هذه الأثناء حدث أن التفت الضابط إلى نهر دجلة . و ما هي إلا لحظة خاطفة حتى انهال الحاج محمد حسن بحركة سريعة عليه ، و غرز الخنجر حتى مقبضه في قلبه و شق بطنه . ثم ترك المقهى قبل أن يصل أحد .. هارباً نحو مدينة البصرة (1).
يقول الحاج محمد حسن : كنت أمشي من بغداد إلى البصرة و أنا خائف أرتعد .. حتى وردت البصرة و حين حلـّت أول ليلة علىّ في هذه المدينة .. ما كنت أدري أية داهية ستـنزل بي . ترى : أيمكن لصاحب مقهى أن يقتل ضابطاً عراقياً في مقهاه ، و يطرحه هناك و يأخذ خنجره و يفر .. ثم لا يتابع أو لا يقتفى أثره ؟!
ما كان لي إلا أن استغثت بامام الزمان (عليه السلام). استغثت به و قلت له : يا مولاي ، من أجلكم فعلت ما فعلت . ثم أني قصدت مسجداً هناك أبيت فيه ليلتي تلك .
جلست في المسجد . حتى إذا مضى وقت من الليل .. دخل رجل أعمى هو خادم المسجد ، فصاح بصوت عال : كل من في المسجد فعليه أن يخرج ، أريد أن أغلق الباب . لم يكن ثمة أحد غيري . و لأني ما كنت أريد الخروج من المسجد .. فقد لذت بالصمت . لم يطمئن الخادم إلى خلو المسجد .. فلعل أحداً نائماً فيه . من أجل هذا راح يتحسس أطراف المسجد بعصاه .. كنت أتحاشى عصاه بطريقة لا يشعر معها بوقع أقدامي و أنا أتنقل داخل المسجد . و لما أطمأن إلى خلو المسجد أغلق باب
________________________
1- تبعد مدينة البصرة عن بغداد أكثر من أربعمائة كيلو متر _ ( المترجم).
104
المسجد من الداخل .
ضوء القمر كان يتسلل من الشباك إلى داخل المسجد ، بحيث كنت أبصر الخادم – إلى حد ما – و أرى ما يصنع . و بعد أن أغلق الباب من الداخل .. خلع الخادم ثوبه ، و مد فراشاً صغيراً لدى المحراب ، ثم جلس على ركبتيه قبالة الفراش .. و أخذ ينقر جدار المحراب بعصاه ( كأن زائراً في تلك الليلة يقرع الباب) .. و كان هو الذي يسأل و هو الذي يجيب .. قال بعد أن نقر الجدار بالعصا : من ؟
ثم قال : مرحباً .. مرحباً .. رسول الله جاء ! و نهض من مكانه متخيلاً أن رسول الله (صلى الله عليه و آله ) قد دخل المسجد و جلس على الفراش.
و بعد لحظات نقر الجدار مرة أخرى بالعصا .. و قال : من ؟ ثم أجاب هو عن السؤال بصوت قوي عميق : ابوبكر الصديق!
رحب به – في وهم الخيال – و هو يقول : ابابكر الصديق .. تفضلوا ، تفضلوا! دخل ابوبكر – فيما يخال هذا الخادم – و جلس على الفراش إلى جوار رسول الله (صلى الله عليه و آله) . ثم أخذ الخادم يبجله و يتودد إليه . و على هذا المنوال دخل عمر و عثمان متعاقبين . لكنه كان يعامل عمر بمزيد من المحبة و التوقير و الإحترام.
بعدها .. نقر الجدار بعصاه نقراً ضعيفا ًفعل من يطرق الباب على وجل و خوف . فسأل الخادم : من ؟ فأجاب هو نفسه بصوت واهن متهالك ضعيف : أن علي بن ابي طالب ! و لكن الخادم الأعمى أزدراه ازدراء عجيباً ، قائلاً له : أنا لا ارتضيك خليفة . ثم بدأ يتجرأ بجسارة على الامام أميرالمؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام ).
و يفحش له القول ، و أعلن براءته من الامام (عليه السلام ) و لم يفتح له الباب!
يقول الحاج محمد حسن : كان خنجر الضابط ما يزال معي . و فكرت : لا بأس أن أقتل هذا الكلب الناصبي أيضاً . لقد اعتبرني أعداء الامام امير المؤمنين وفاطمة الزهراء (سلام الله عليهما) مجرماً .. فما الذي يمنعني إذن ان اخطو خطوتي الثانية ؟ أنا الغريق فما خوفي من البلل ؟ !
نهضت عندها من مكاني و اتجهت بخفة إليه و قضيت بالخنجر عليه . كان قد انسلخ هزيع من تلك الليلة عندما فتحت باب المسجد ( الذي كان مغلقاً من داخله ) و فررت متيمماً وجهي تلقاء الكوفة .. حتى بلغتها . و هناك قصدت مسجدها الكبير ، و اتخذت إحدى غرفه مأوى لي .. و أنا دائم التوسل بالامام بقية الله (أرواحنا فداه) ، و أقول : يامولاي .. إنما فعلت هذا حباً لأمير المؤمنين و فاطمة الزهراء (عليهما السلام) .. و منذ أيام لم أر زوجتي و لا أطفالي.
لم يكن قد مضى على مكوثي في المسجد غير ثلاثة أيام .. حينما سمعت باب الغرفة يطرق . فتحت الباب ، فرأيت رجلاً يدعوني للحضور عند السيد بحر العلوم، قائلاً : السيد يريدك.
و ذهبت بصحبته إليه . كان السيد مهدي بحر العلوم في مسجد الكوفة ، جالساً في محراب أمير المؤمنين (عليه السلام ).
بادرني السيد بحر العلوم قائلاً : قال الامام ولي العصر (عليه السلام ) : نحن قد أزلنا الدم من دكانك . فارجع إليه .. و استمر على معيشتك ، و لن يتعرض لك احد.
قلت للسيد : على عيني . و قبلت يده ، ثم مضيت مباشرة إلى بغداد بعد الطمأنينة التي سكنت قلبي بفعل ما قاله لي السيد بحر العلوم.
و بلغت بغداد . كان الوقت منتصف النهار . قلت في نفسي : الأفضل أن أذهب إلى المقهى أولاً لأرى ما هناك !
و مضيت في طريقي ... حتى إذا صرت على مقربة من المقهى وجدتها مفتوحة .
الزبائن – كالعادة – جالسون على المقاعد يحتسون الشاي . لكن الذي ضاعف دهشتي أني رأيت رجلاً شديد الشبه بي هو من كان يقدم الشاي إلى الزبائن . و من فرط ما كان يشبهني فكرت لحظات أن انظر إلى المرآة لأرى وجهي بدقة !
لم يتفطن أحد من الناس إلى حضوري . فتوجهت إلى المقهى على مهل حتى بلغت الباب . في لحظتها جاءني الرجل الشبيه ، و ناولني صينية الشاي .. و أختفى ! اهتز جسدي هزة غريبة .. لكني تماسكت ، و مضيت في عملي أحمل صينية الشاي أقدم إلى الزبائن . بقيت في المقهى حتى الليل .
ثم أني تذكرت أن زوجتي كانت قد أوصتني صبيحة ذلك اليوم الذي حدث فيه ما حدث .. أن اشتري مقداراً من السكر أحضره إلى الدار . فاشتريت في تلك الليلة ما نحتاج إليه من السكر .. و ذهبت إلى الدار.
فتحت زوجتي الباب ، فناولتها السكر.
قالت : لماذا سكراً مرة ثانية ؟!
قلت : انت قلت لي قبل أيام أن اشتري سكراً .
قالت : في نفس تلك الليلة اشتريت لنا سكراً .. فما بالك تنسى ؟!
لم ألاحظ على وجه زوجتي ما يدل على أني كنت غائباً تلك المدة عن الدار فدخلت كشأني كل ليلة حينما أعود من عملي ، و أدركت أن شبيهي في الشكل و المظهر الذي ناب عني في المقهى .. كان يأتي أيضاً إلى الدار !
حتى إذا ازف وقت النوم .. لاحظت زوجتي تفرد لي فراشاً في غرفة أخرى !
استفسرت : لم جعلت فراشي في تلك الغرفة ؟!
قالت : انت نفسك – عندما لم تكن تتحدث معي إلا قليلا ً- قلت لي منذ ليال : ضعي فراشي في تلك الغرفة ؟ مالك تنسى ؟!
قلت لها : صحيح . و لكن منذ الليلة أنام في غرفتك.
و هنا لا بد من ذكر بعض الملاحظات:
ان قتل الناصبي و المرتد – مع انهما واجبا القتل – لا بد أن يكون بإذن من حاكم الشرع .. خاصة إذا كان هذا القتل يعرض حياة المؤمن إلى الخطر . فربما يغدو من يقدم على هذا العمل ، دونما اذن ، موضع مؤاخذة في الآخرة . أما الحاج محمد حسن فإن الحالة التي أعترته قبيل الاقدام ، و لرعايته من قبل الامام بقية الله (روحي فداه) .. ما يفهم منه أنه كان قد فقد السيطرة على نفسه ، و لعله كان في حالة سقط فيها عنه التكليف.
أما الشبيه الذي حل محله في المقهى و في الدار .. فمن المحتمل جدّاً أن يكون ملكاً من الملائكة أمره الله (جل جلاله) لينوب عنه في أعماله ، لئلا يشعر أحد بغيابه فيبحثوا عنه .
الكمــــــالات الروحــــــية
عن طريق اللقاء بالإمام صاحب الزمان عج
تأليف : السيد حسن الأبطحي
ترجمة : إبراهيم رفاعة
تحياتي واحترامي لكم جميعا
اسمه الحاج محمد حسن . من مخلصي شيعة مولى المتقين الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) . كان معاصراً للمرحوم آية الله سيد مهدي بحر العلوم (طيب الله ثراه) (1) و كان صاحب مقهى على نهر دجلة في بغداد ، هي مصدر رزق له و لأسرته .
في صباح أحد الأيام .. كان الطقس لطيفاً رائقاً بعد أن نثـّت السماء برذاذ من المطر ، حين كان الحاج محمد حسن فتح تواً باب المقهى ، و إذا كان يحضـّر الشاي ، رأى ضابطاً ناصبياً معادياً لأهل بيت الوحي (صلوات الله عليهم) يقبل إلى المقهى ، قبل أن يرِد أحد من الزبائن .
________________________
1- توفى سيـّد مهدي بحر العلوم (رضوان الله تعالى عليه) عام 1212هـ 0 ( المترجم)
و ما أن جلس الضابط الناصبي في المقهى حتى راح يكيل الشتائم القبيحة لأهل بيت العصمة و الطهر (عليها السلام) .. و بخاصة أمير المؤمنين علي أبن ابي طالب (عليه السلام) و الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء (سلام الله عليها ) . كان مندفعاً في فورة من الشتائم و السـّباب و كأنما هو منجرف في تيار من الألفاظ النابية البذيئة لا يقوى على إيقافه . كان يهمهم بصوت خفيض .. ثم يكيل الشتائم للأمام (عليه السلام).
أما الحاج محمد حسن .. فقد فارت في عروقه دماء الغيرة ، و أخذته حمـّية الحق المقدسة ، و لم يبالي – إزاء ما يسمع و يرى – بعواقب الأمور.
تطلع فيما حوله .. فلم ير أحداً غير هذا الضابط الناصبي الكافر . و في لحظتها قـّرر أن يقتله . و لكن .. كيف ؟! مع الضابط سلاح .. و الحاج محمد حسن أعزل لا سلاح معه .
و تفطن فجأة إلى أمر عثر فيه على ما يريد . فكر في سـّره : من الأفضل أن أتظاهر إزاءه بالمودة ، ثم أتناول سلاحه من يده و أقضي بسلاحه عليه.
و مضى فعلاً إليه . قدم له فنجاناً أو فنجانين من الشاي الساخن الجيد التحضـير ، و تلطف معه في القول . ثم قال له باحترام ظاهر : يا رئيس .. يبدو أن الخنجر الذي في حزامك من النوع الرائع جداً .. بكم اشتريته ؟ و في أي بلد مصنوع ؟
مد هذا البليد المغرور يده إلى حزامه فأخرج خنجره ، و وضعه في يد الحاج محمد حسن قائلاً بزهو : نعم ، أنه خنجر نفيس . لقد اشتريته بثمن كبير ، و نقشت اسمي عليه . أنظر إليه !
أمسك الحاج محمد حسن بالخنجر ، و أخذ ينظر إليه بكل و برود .. متحيناً الفرصة المواتية إذا ما غفل الضابط الناصبي لينفذ ما عزم عليه . و في هذه الأثناء حدث أن التفت الضابط إلى نهر دجلة . و ما هي إلا لحظة خاطفة حتى انهال الحاج محمد حسن بحركة سريعة عليه ، و غرز الخنجر حتى مقبضه في قلبه و شق بطنه . ثم ترك المقهى قبل أن يصل أحد .. هارباً نحو مدينة البصرة (1).
يقول الحاج محمد حسن : كنت أمشي من بغداد إلى البصرة و أنا خائف أرتعد .. حتى وردت البصرة و حين حلـّت أول ليلة علىّ في هذه المدينة .. ما كنت أدري أية داهية ستـنزل بي . ترى : أيمكن لصاحب مقهى أن يقتل ضابطاً عراقياً في مقهاه ، و يطرحه هناك و يأخذ خنجره و يفر .. ثم لا يتابع أو لا يقتفى أثره ؟!
ما كان لي إلا أن استغثت بامام الزمان (عليه السلام). استغثت به و قلت له : يا مولاي ، من أجلكم فعلت ما فعلت . ثم أني قصدت مسجداً هناك أبيت فيه ليلتي تلك .
جلست في المسجد . حتى إذا مضى وقت من الليل .. دخل رجل أعمى هو خادم المسجد ، فصاح بصوت عال : كل من في المسجد فعليه أن يخرج ، أريد أن أغلق الباب . لم يكن ثمة أحد غيري . و لأني ما كنت أريد الخروج من المسجد .. فقد لذت بالصمت . لم يطمئن الخادم إلى خلو المسجد .. فلعل أحداً نائماً فيه . من أجل هذا راح يتحسس أطراف المسجد بعصاه .. كنت أتحاشى عصاه بطريقة لا يشعر معها بوقع أقدامي و أنا أتنقل داخل المسجد . و لما أطمأن إلى خلو المسجد أغلق باب
________________________
1- تبعد مدينة البصرة عن بغداد أكثر من أربعمائة كيلو متر _ ( المترجم).
104
المسجد من الداخل .
ضوء القمر كان يتسلل من الشباك إلى داخل المسجد ، بحيث كنت أبصر الخادم – إلى حد ما – و أرى ما يصنع . و بعد أن أغلق الباب من الداخل .. خلع الخادم ثوبه ، و مد فراشاً صغيراً لدى المحراب ، ثم جلس على ركبتيه قبالة الفراش .. و أخذ ينقر جدار المحراب بعصاه ( كأن زائراً في تلك الليلة يقرع الباب) .. و كان هو الذي يسأل و هو الذي يجيب .. قال بعد أن نقر الجدار بالعصا : من ؟
ثم قال : مرحباً .. مرحباً .. رسول الله جاء ! و نهض من مكانه متخيلاً أن رسول الله (صلى الله عليه و آله ) قد دخل المسجد و جلس على الفراش.
و بعد لحظات نقر الجدار مرة أخرى بالعصا .. و قال : من ؟ ثم أجاب هو عن السؤال بصوت قوي عميق : ابوبكر الصديق!
رحب به – في وهم الخيال – و هو يقول : ابابكر الصديق .. تفضلوا ، تفضلوا! دخل ابوبكر – فيما يخال هذا الخادم – و جلس على الفراش إلى جوار رسول الله (صلى الله عليه و آله) . ثم أخذ الخادم يبجله و يتودد إليه . و على هذا المنوال دخل عمر و عثمان متعاقبين . لكنه كان يعامل عمر بمزيد من المحبة و التوقير و الإحترام.
بعدها .. نقر الجدار بعصاه نقراً ضعيفا ًفعل من يطرق الباب على وجل و خوف . فسأل الخادم : من ؟ فأجاب هو نفسه بصوت واهن متهالك ضعيف : أن علي بن ابي طالب ! و لكن الخادم الأعمى أزدراه ازدراء عجيباً ، قائلاً له : أنا لا ارتضيك خليفة . ثم بدأ يتجرأ بجسارة على الامام أميرالمؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام ).
و يفحش له القول ، و أعلن براءته من الامام (عليه السلام ) و لم يفتح له الباب!
يقول الحاج محمد حسن : كان خنجر الضابط ما يزال معي . و فكرت : لا بأس أن أقتل هذا الكلب الناصبي أيضاً . لقد اعتبرني أعداء الامام امير المؤمنين وفاطمة الزهراء (سلام الله عليهما) مجرماً .. فما الذي يمنعني إذن ان اخطو خطوتي الثانية ؟ أنا الغريق فما خوفي من البلل ؟ !
نهضت عندها من مكاني و اتجهت بخفة إليه و قضيت بالخنجر عليه . كان قد انسلخ هزيع من تلك الليلة عندما فتحت باب المسجد ( الذي كان مغلقاً من داخله ) و فررت متيمماً وجهي تلقاء الكوفة .. حتى بلغتها . و هناك قصدت مسجدها الكبير ، و اتخذت إحدى غرفه مأوى لي .. و أنا دائم التوسل بالامام بقية الله (أرواحنا فداه) ، و أقول : يامولاي .. إنما فعلت هذا حباً لأمير المؤمنين و فاطمة الزهراء (عليهما السلام) .. و منذ أيام لم أر زوجتي و لا أطفالي.
لم يكن قد مضى على مكوثي في المسجد غير ثلاثة أيام .. حينما سمعت باب الغرفة يطرق . فتحت الباب ، فرأيت رجلاً يدعوني للحضور عند السيد بحر العلوم، قائلاً : السيد يريدك.
و ذهبت بصحبته إليه . كان السيد مهدي بحر العلوم في مسجد الكوفة ، جالساً في محراب أمير المؤمنين (عليه السلام ).
بادرني السيد بحر العلوم قائلاً : قال الامام ولي العصر (عليه السلام ) : نحن قد أزلنا الدم من دكانك . فارجع إليه .. و استمر على معيشتك ، و لن يتعرض لك احد.
قلت للسيد : على عيني . و قبلت يده ، ثم مضيت مباشرة إلى بغداد بعد الطمأنينة التي سكنت قلبي بفعل ما قاله لي السيد بحر العلوم.
و بلغت بغداد . كان الوقت منتصف النهار . قلت في نفسي : الأفضل أن أذهب إلى المقهى أولاً لأرى ما هناك !
و مضيت في طريقي ... حتى إذا صرت على مقربة من المقهى وجدتها مفتوحة .
الزبائن – كالعادة – جالسون على المقاعد يحتسون الشاي . لكن الذي ضاعف دهشتي أني رأيت رجلاً شديد الشبه بي هو من كان يقدم الشاي إلى الزبائن . و من فرط ما كان يشبهني فكرت لحظات أن انظر إلى المرآة لأرى وجهي بدقة !
لم يتفطن أحد من الناس إلى حضوري . فتوجهت إلى المقهى على مهل حتى بلغت الباب . في لحظتها جاءني الرجل الشبيه ، و ناولني صينية الشاي .. و أختفى ! اهتز جسدي هزة غريبة .. لكني تماسكت ، و مضيت في عملي أحمل صينية الشاي أقدم إلى الزبائن . بقيت في المقهى حتى الليل .
ثم أني تذكرت أن زوجتي كانت قد أوصتني صبيحة ذلك اليوم الذي حدث فيه ما حدث .. أن اشتري مقداراً من السكر أحضره إلى الدار . فاشتريت في تلك الليلة ما نحتاج إليه من السكر .. و ذهبت إلى الدار.
فتحت زوجتي الباب ، فناولتها السكر.
قالت : لماذا سكراً مرة ثانية ؟!
قلت : انت قلت لي قبل أيام أن اشتري سكراً .
قالت : في نفس تلك الليلة اشتريت لنا سكراً .. فما بالك تنسى ؟!
لم ألاحظ على وجه زوجتي ما يدل على أني كنت غائباً تلك المدة عن الدار فدخلت كشأني كل ليلة حينما أعود من عملي ، و أدركت أن شبيهي في الشكل و المظهر الذي ناب عني في المقهى .. كان يأتي أيضاً إلى الدار !
حتى إذا ازف وقت النوم .. لاحظت زوجتي تفرد لي فراشاً في غرفة أخرى !
استفسرت : لم جعلت فراشي في تلك الغرفة ؟!
قالت : انت نفسك – عندما لم تكن تتحدث معي إلا قليلا ً- قلت لي منذ ليال : ضعي فراشي في تلك الغرفة ؟ مالك تنسى ؟!
قلت لها : صحيح . و لكن منذ الليلة أنام في غرفتك.
و هنا لا بد من ذكر بعض الملاحظات:
ان قتل الناصبي و المرتد – مع انهما واجبا القتل – لا بد أن يكون بإذن من حاكم الشرع .. خاصة إذا كان هذا القتل يعرض حياة المؤمن إلى الخطر . فربما يغدو من يقدم على هذا العمل ، دونما اذن ، موضع مؤاخذة في الآخرة . أما الحاج محمد حسن فإن الحالة التي أعترته قبيل الاقدام ، و لرعايته من قبل الامام بقية الله (روحي فداه) .. ما يفهم منه أنه كان قد فقد السيطرة على نفسه ، و لعله كان في حالة سقط فيها عنه التكليف.
أما الشبيه الذي حل محله في المقهى و في الدار .. فمن المحتمل جدّاً أن يكون ملكاً من الملائكة أمره الله (جل جلاله) لينوب عنه في أعماله ، لئلا يشعر أحد بغيابه فيبحثوا عنه .
الكمــــــالات الروحــــــية
عن طريق اللقاء بالإمام صاحب الزمان عج
تأليف : السيد حسن الأبطحي
ترجمة : إبراهيم رفاعة
تحياتي واحترامي لكم جميعا
نائبه المديره- عدد المساهمات : 189
نقاط : 507
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 16/12/2011
مواضيع مماثلة
» قصة قصيرة تلاوة الزيارة الجامعة بمحضر الامام (عليه السلام)
» قصص الامام علي عليه السلام جزء 10
» ايمان علي عليه السلام
» علي عليه السلام محطم الاصنام
» صور ابو الفضل العباس عليه السلام
» قصص الامام علي عليه السلام جزء 10
» ايمان علي عليه السلام
» علي عليه السلام محطم الاصنام
» صور ابو الفضل العباس عليه السلام
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى