قصة قصيرة تلاوة الزيارة الجامعة بمحضر الامام (عليه السلام)
صفحة 1 من اصل 1
قصة قصيرة تلاوة الزيارة الجامعة بمحضر الامام (عليه السلام)
قصة قصيرة تلاوة الزيارة الجامعة بمحضر الامام (عليه السلام)
لا ريب أن (الزيارة الجامعة ) من أصح الزيارات التي يمكن أن تتلى في بيوت النبي الأكرم (صلى الله عليه و آله ) أي في مزارات الأئمة الأطهار و في مقامات أبنائهم (عليهم السلام).
إن هذا النص الشريف للزيارة يتضمن معرفة عالية بالامام و أهل بيت العصمة و الطهر (صلوات الله عليهم اجمعين) و قد رُوي مراراً أن أناساً زاروا الامام بقية الله (ارواحنا فداه) بالزيارة الجامعة ، و كان الامام (عليه السلام) يقر مضامينها و يؤيدها.
و إلى جوار ما في ( الزيارة الجامعة ) من معاني التأدب ازاء المقام المقدس للأئمة الطاهرين .. فان الزائر بها يعبر فيها عن محبته الفياضة لأهل البيت (عليهم السلام) . و آية ذلك : العبارة التي تتكرر فيها دالة على التفدية و التضحية من قِبل من يتلو الزيارة ، و هي : ( بأبي انتم و أمي و أهلي و مالي و أسرتي) .
يقول أحد كبار العلماء – و قد تحفظ على ذكر اسمه في هذا الكتاب : كان ذلك اليوم يوم احد لما مضيت إلى الحرم الطاهر للامام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) .
و في داخل الحرم ، عند جهة الاقدام المباركة .. رأيت رجلاً جالساً مستقبل القبلة . و لكن وضعه و تصرفه مما يبعث على النفرة منه . وكان لا مناص من الجلوس إلى جانبه ، فما ثمة مكان خال غيره .
كنت في جلستي تلك أتوسل بامام العصر (عليه السلام) أن يمن عليّ بألطافه و أياديه.
المرء المجاور لي .. كان قد تناول آنفاً كتاب (مفاتيح الجنان) ليقرأ (الزيارة الجامعة) . لكنه – على طباق سيرته الذميمة – قد استولى عليه الكسل و الملل ، و لم يقرأ من الزيارة أكثر من سطرين أو ثلاثة . دفع إلى كتاب (المفاتيح ) وقام و انصرف . أما أنا فقد سرني ذلك ، إذا لم أكن قد وجدت كتاباً من قبل أقرأ فيه الزيارة ، و قد أصبح الكتاب الآن في يدي . ثم أن هذا الرجل قد ترك مجاورتي و مضى فصرت في طلاقة من ظلمة مجالسته.
و لم يكن قد خطر لي أن الله (عزوجل) قد أراد لي – في هذه الزيارة – أن أغدو موضع لفيض عظيم يتـنـزل عليّ.
في هذه الأثناء .. شاهدت سيداً جليلاً جالساً قربي عند الجدار . فما كان منّي إلى أن أمسكت بيده ، و قبلتها . نظر إلىّ هذا السيد – و قد أدركت بعدئذ ادراكاً قطعياً أنه امام الزمان (عليه السلام) . ثم غير مكانه و قعد في الموضع الذي خلا بانصراف ذلك الرجل.
سألني السّيد – أول الأمر – عن أحوالي .. و قال : من أين أتيت ؟ فأجبته . ثم قال لي : الآن امام زمانك هنا ، و أنت لا تعرفه ؟!
الزيارة الجامعة يزار بها جميع المعصومين.
نحن نعلم بما يصيب محبينا.
شهداؤنا أحياء ، و كذا أمواتنا.
ثم أني قرأت (الزيارة الجامعة) أخاطب بنصوصها الامام علي بن موسى الرضا (عليه السلام).
فقال لي السيّد : ألا تريد شيئاً ؟
قلت : أنت ابن النبي ، فادع بتعجيل فرج الامام بقية الله (عليه السلام) ان الظلم الذي يقع في العالم قد أدمى قلب مولانا صاحب الزمان.
عندها بكى السيد بكاءً كثيراً ، و لم يقل شيئاً .بعدها قلت له – لم أكن قد عرفته حتى الآن - : أبلغ وصيتي مولاي ولي العصر (ارواحنا فداه) . و لكني افتقدت الرجل فجأة من جواري.
ثمة حادثة قد حدثت لي في هذا السياق ، عليّ أن أتقدم بسببها إلى الامام بقية الله (ارواحنا فداه) بما لا حد له من الشكر و الامتنان :
في أحد الأيام – كما هي عادتي – كنت في (مؤسسة البحث و الانتقاد الديني ) أجيب عن أسئلة السائلين و حدث أن دخل رجل عالم تبدو عليه سيماء الطهر و الصدق (وقد علمت فيما بعد أنه رجل جليل القدر) . دخل هذا الرجل باكياً ، و هو يهمهم همهمة يبدي بها مودته لي.
وقع في ظني – في البداية – أنه ربما كان قد قرأ ما ألفته ، فخال – خطأ – أني مستفيد حقاً من المعاني التي دونـّتها فيما ألفت . حتى إذا رآني أخذته هذه الحالة من الهمهمة و البكاء.
ثم أنه نفسه شرح الموضوع الذي جاء من أجله ، فقال : قبل مدة سمعت من ينتقدك و يذمك . فوجدت في قلبي موجدة عليك و ساء ظني بك . حتى كانت البارحة (ليلة الجمعة 28 من ربيع الثاني 1360هـ ش ) إذا رأيتك في عالم الرؤيا واقفاً في حرم الرضا (عليه السلام) و معك جمع من كبار العلماء ، و كنت تخاطب الامام ولي العصر (عليه السلام) بالزيارة الجامعة . و أولئك العلماء كانوا يقرؤون الزيارة بقراءتك .. حتى تمت الزيارة . عندها التفت إلى الامام ولي العصر (عليه السلام) و أثنى عليك . ( وكان هذا الرجل قد دوّن ما قاله الامام (عليه السلام) في هذا الصدد ، و سلمني مدوّنته . وهي ما تزال لديّ بخطه و توقيعه) . و لئلا يُـتهم هذا العالم بالكذب .. فإني لا أورد هنا كل ما ذكره بل أكتفي بايراد بعض العبارات التي رأيت آثارها ظاهرة فيما بعد .. مما لا يخلو من فائدة للآخرين.
و وفق ما جاء في هذه المدونة فإن الامام (عليه السلام) قد قال : قام بخدمات دينية و قضايا مهمة بلا خوف ؛ لأننا نحن نسـنده.
إنه لم يتوان عن إعانة المحتاجين – خاصة اليتيم و المسكين و الفقير.
و قال الامام (عليه السلام) : نحن مراعون لأعماله.
قال له : منهجه في التبليغ عال جداً ، و مقبول عندالله و عند رسول الله (صلى الله عليه و آله )
( و في هذا الموضع من المدونة مسائل أراني معذوراً عن ذكرها) . و بعدها جاء قول الامام بقية الله (عليه السلام) : كلما أردت أن تراني فتوسل بأمي .
و عقب هذا كتب هذا العالم الجليل : و عندها دعا لك مولاي صاحب العصر و الزمان .. ثم اننا جميعاً عانقنا الاما و عرضنا عليه ما يهمنا من الأمور . و قد سألت الامام شيئاً ينبغي أن يظل في طيّ الكتمان . ثم ذكر هذا العالم أموراً أخرى تشعر بصدق رؤياه.
و من العجيب أني قبل هذا لم أكن قد أنفقت و لا دقيقة من الوقت لحفظ الزيارة الجامعة عن ظهر قلب . و لكن ما أن قصّ هذا الرجل رؤياه و مضى .. حتى وجدتني حافظاً لنص الزيارة الجامعة . و من التزمت أكثر من السابق بتلاوة هذه الزيارة في مقامات الأئمة و أبنائهم (عليهم السلام).
و هنا لا بد من التنويه ببعض النقاط:
الأولى :
أكان صحيحاً أن ينفر هذا العالم – كما قال – من ذلك المرء الجالس في الحرم ؟
و جواب هذا أن بعض الأفراد – بسبب سلوكهم الشيطاني أو البهيمي – إنما ينفر منهم حتى الامام (عليه السلام) .. سواء أكانوا في الحرم للزيارة ، أم كانوا في المسجد لأداء عبادة .
أن افراداً طالما دخلوا الحرم و المسجد للسرقة أو للنظر إلى النساء ؛ إو إرضاء للشهوة الجنسية (و العياذ بالله) . أو دخلوا و هم يحملون عقائد فاسدة . و ما يقومون به عندئذ من اعمال عبادية مما لا قيمة له و لا شأن ، و لا يلحقهم منه غير الشقاء .. ذلك أن الله تعالى يقول في القرآن الكريم : (و لا يزيد الظالمين إلى خساراً).
و أما مصدر ادراك هذا العالم لسلوك الرجل و معرفته بسيرته .. فلعله كان على معرفة به سابقة . أو ان الله (تبارك و تعالى) قد كشف له في حينها الغطاء ، فأدرك منه ما أدرك.
يروي رجل أن رأى في المنام ليلة .. كأنه دخل الحرم الشريف للامام الرضا (عليه السلام) . و هنالك شاهد الامام نفسه جالساً على الضريح واضعاً سيفاً على ركبتيه . وشاهد الزائرين – إلا قليلاً – على هيئة حيوانات !
يقول هذا الرجل : أقبل نحوي من بين هذه الحيوانات خنزير عليه (خرج) مقلم و علامات معينة . فقال لي الامام (عليه السلام) : ليكن هذا الخنزير ضيفاً عند ؛ ثلاثة أيام !
قلت : مولاي .. ألا يوجد ثمة انسان لكي أضيف هذا الخنزير؟!
فقال الامام (عليه السلام) : كل هذه الحيوانات قد ضيفتها ، و عليك أن تضيف هذا الخنزير ثلاثة أيام.
و استيقظت من النوم ، و أنا لا أعلم تأويل هذه الرؤيا . و ما كادت شمس ذلك اليوم تشرق حتى طرق باب الدار . فقمت و فتحت الباب . أنه أحد أصدقائي ، قد جاء إلى يطلب مني أن يمكث في دارنا ثلاثة أيام ضيفاً عليّ!
أمّا أنا فقد أدهشني إذ وجدتن الخرج المقلّم و العلامات المعينة لخنزير الرؤيا . . وجدتها في صديقي القديم هذا !
قلت له : تفضل ، لا مانع .. خاصة و أن الامام الرضا (عليه السلام) قد حولك البارحة عليّ لأضيفك.
قال : و كيف ؟ !
قلت : قسماً بالله ، لن أخبرك إلا في اليوم الأخير .
ظن الرجل أن ذلك كان تلطفاً به من الامام (عليه السلام) – و ربما كان الأمر حقاً كذلك و لكني لم اخبره بالموضوع لئلا أنغص عليه حاله . ثم أن هذا الإخبار مغاير لقول النبي الأكرم (صلى الله عليه و آله ) : (أكرم الضيف و لو كان كافراً ).
و أخبرته في اليوم الثالث ، فأخذ يبكي بكاءً طويلاً . و قال لي : ما رأيته مني في الرؤيا .. مرتبط بعمل لي يختلط أحياناً بالمال الحرام.
و من هذا تبين أنه من الجائز لامرئ يذهب إلى زيارة الامام الرضا (عليه السلام) أن يظهر بصورة حيوانية ، لوجود صفة حيوانية في سيرته ، مثل أكل المال الحرام.
الثانية :
نقل الرجل العالم في مدونته عن الامام صاحب العصر و الزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف) أنه قال : الزيارة الجامعة يزار بها جميع المعصومين .
و لعل المراد بهذه العبارة : الائمة الاثناعشر و الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء (سلام الله عليهم اجمعين) . و لا يدخل معهم – في خطاب الزيارة – رسول الله (صلى الله عليه و آله ) ؛ ذلك لأن تعبير (و ذرية رسول الله ) و كذا تعبير ( و إلى جدكم بعث الروح الأمين) و تعبيرات آخرى عديدة في نص الزيارة ..مما لا يخاطب به رسول الله صلى الله عليه و آله.
الثالثة :
نقل صديقنا العالم عن مولانا و مولى الجميع بقية الله (أرواحنا فداه) أنه قال : كلما أردت أن تراني فتوسل بأمي.
ترى .. من المقصود بكلمة (أم) هنا ؟ هل هي السيدة (نرجس) سلام الله عليها .. أم هي الصديقة فاطمة الزهراء (عليها السلام) ؟
و في الجواب نقول : أن هذه الكلمة تنصرف – في التبادر الذهني – اكثر ما تنصرف إلى السيدة الزهراء (سلام الله عليها) ؛ فانها (صلوات الله عليها ) سريعة الإجابة لكافة مرادات المريدين . و إذا سأل الله احد أن يوفقه للقاء الزمان (عليه السلام ) فأنه يفوز بما أراد عاجلاً ..خاصة إذا شفع هذا الرجاء بأن يصلي صاحبه صلاة الاستغاثة بالصديقة الزهراء (عليها السلام) .. التي ذكرها مؤلف كتاب (مفاتيح الجنان) . و مع هذا فإن المقام العالي للسيدة نرجس (روحي له الفداء) مما لا يمكن تجاوزه 0 في نظر الامام (عليه السلام) – بهذه السهولة .
أن للسيدة الكريمة نرجس (عليها السلام) منزلة رفيعة عزيزة لدى أهل البيت (عليهم السلام) .. حتى أنها قد خاطبت السيدة (حكيمة) عند مولد الامام ولي العصر (عليه السلام) بقولها : يا سيدتي . فقالت لها السيدة حكيمة : بل أنت سيدتي . و كأنها تريد أن تقول لها : أنتِ التي ساهمتِ في إيجاد الجسد المقدس لروح الإمكان و خليفة الله و مظهره ، و أنت التي أنجبت من ينتظره كافة الأنبياء و الأولياء ، و ينتظره الله ( جل جلاله) سلام الله عليك .
و لهذا فلا يبعد أن تكون السيدة نرجس (عليها السلام) هي المراءة بلفظة (أمي) التي ذكرها الامام (عليه السلام) . و قد جرب مرارا و تكراراً أن ينال أناس كبرى حاجاتهم عندما توسّلوا إلى الله بهذه السيدة الجليلة .
في مدينة دمشق
كنت منشغلاً بتأليف هذا الكتاب .. لما سافرت إلى دمشق في شهر ذي القعدة الحرام عام (1404) لزيارة المرقد المقدس للسيدة زينب الكبرى (سلام الله عليها)
و أود هنا أن أدون جانباً من مشاهداتي في الأعتاب المقدسة لأهل بيت النبي (صلى الله عليه و آله ) ، و في مراقد الذين دفنوا في تلك البقاع من صحابة رسول الله (صلى الله عليه و آله ) .
في ليلة مولد الامام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) الموافقة للحادية عشرة من ذي القعدة (1404هـ) .. كنت و عدداً من الاصدقاء في احتفال أقيم بهذه المناسبة في مجلس أحد العلماء الإيرانـيين ، الذي كان يسكن في ضاحية السيّدة زينب (عليها السلام ) في الشام .
ظفر ، في ذلك المجلس ، كل من كانت له حاجة – و أين هو الذي لم تكن له حاجة ؟! – بنوال ما أراد . لقد كان المجلس محفوفاً بعناية أهل بيت العصمة (عليهم السلام) و خاصة الإمام بقية الله (ارواحنا فداه) .. فالمجلس هذا قد أقيم في وسط الأمويين ، أي من كان هواهم مع بني أمية ، و أكثر سكنة المنطقة من أهل البغض و الشنآن لأهل بيت الطهر و العصمة (عليهم السلام) .. فكيف لا يكون اذن محفوفاً بعناية الامام (ارواحنا فداه) ؟!
و على أي حال .. كانت لي أنا أيضاً في ذلك المجلس حاجات ، إحداها أن أوفق لتدوين هذا الكتاب.
بعد أيام قليلة ، و خلال ارتباط روحي خير ما يعبر عنه أن أقول أني فهمت في الرؤيا أن الامام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) قال لي : نحن قد هيأنا لك من قبل ما يلزم لتدوين الكتاب . لقد أخلينا لك دار أحد أحبتنا و هيأناها ، و ملأنا قلبه بمحبتك و مودتك .. ألم تر إليه كيف تلقـّاك بحفاوة بالغة ؟!
أليس من التوفيق لك .. أن وفـّرنا لك هذا ؟!
فلم تتكاسل ، و لا تواصل عملك ؟!
قلت مولاي .. ما لدي مصادر للتأليف . فألهمت أن المصادر ستوفر ، لكني لم أعرف من أين سأحصل عليها.
و مرت أيام .. كنت عاكفاً في أثنائها على تدوين هذا الكتاب ، أعتمادا ًعلى المخزون في ذاكرتي . حتى إذا وصلت إلى موضع لابد فيه من مراجعة بعض المصادر .. فكرت في سري : ربما كان عليّ أن أراجع بعض علماء الشيعة المقيمين في دمشق ، لأستعير ما احتاج من كتب . و ما ان خطر في بالي هذا الخاطر و تفطن له مضيفي .. حتى حدث – بإرادة ولي الله الأعظم الامام صاحب الزمان (عليه السلام) الذب به تتم الصالحات – أن اشترى هذا الرجل المضيف دورة كاملة من كتاب (بحار الأنوار) و جاء به إلى الدار.
و ما كان صاحبي هذا ليشتري الكتاب في غير هذه الحالة . و حتى لو كان قاصداً من قبل أن يقتني الكتاب لما حصل عليه في دمشق بهذا اليسر ، و في هذه الطبعة التي هي أجود طبعاته .
و صفوة القول . أني لا أستطيع أن أذكر في هذا السياق أكثر مما ذكرت . بيد أني استطيع تلخيص الموضوع بعبارة واحدة ، هي أن كل ما ظفرت به من توفيق في تأليف هذا الكتاب – عدا ما يمكن أن يكون فيه من خطأ – فإنما هو من ألطاف الامام بقية الله (روحي و ارواح العالمين لتراب مقدمه الفداء).
و يسترعي الانتباه في أول جزء تناوله من كتاب البحار لأتفحص طباعته و تجليده ( و هو كتاب يربو عدد أجزائه على المئة ) أنه كان الجزء التاسع و الستين ، الذي فتحته فطالعني فيه الصفعة 254 من الباب 37 في (صفات خير العباد و أولياء الله ).
و تفاءلت بهذا الموافقة التي هي مرشد و رائد معنوي . و عزمت بعون الله أن أختار من هذا الجزء ما ينسجم و الموضوعات التي كنت مشتغلاً في التأليف عنها ، لكي يمتلئ محبوا امام الزمان (عليه السلام) بالكمالات المعنوية و الروحية ، حتى يصلوا إلى مقام أولياء الله (جل جلاله).
هذا الواقعة ذكرها أحد كبار المراجع . و قد رواها عنه رجل ثقة . قال : حكي لي أحد علماء طهران حادثة جرت له .. على هذا النحو :
طرق باب دارنا يوماً رجل قد وخطه الشيب .. قائلاً لي – و اسم هذا الرجل الشيخ حسن : أريد ان أدرس العلوم و المعارف التي تدرس في الحوزة العلمية . و ينبغي أن تدرّسني في كتاب (جامع المقدمات). (1)
أما أنا فقد كان لي من كثرة الأعمال ما يشغلني عن تدريس هذا الرجل . ثم أن التدريس في كتاب المبتدئين هذا لا يناسب شأني . و مع هذا كله وجدتني أجيبه إلى ما أراد .. و ابتدأنا درسنا فعلاً .
بمرور الأيام ألفت الشيخ حسن هذا و انبسطت إليه ، حتى غدا من الخواصّ. فكان يقضي أكثر أوقاته معي في الدار .
و حدث مرة أن كان لي شغل قد تعـّوق انجازه في إحدى دوائر الدولة أيام الحكم الملكي في إيران . فاقترح على أحدهم أن أعطيه مبلغاً من المال في مقابل تعهده بانجاز هذا الشغل . و كنت على وشك أن أوافق على هذا الأقتراح عندما قال لي الشيخ حسن : ليس في وسع هذا الشخص أن يحقق لك ما أردت . أن هذا الشغل مما لا يمكن أن يتحقق أصلاً . في حينها لم أدرك ما قصد الشيخ حسن . و قد بات واضحا ًفيما بعد – على كثرة المساعي التي بذلتها في هذا الصدد – ان الشغل لم ينجز.
في أحد الأيام .. كنت ألقي درساً عليه ، و لم أكن قد حضّرت الدرس قبل التدريس . فقال لي : لم تقرأ الدرس البارحة .. إذ انك حديث عهد بزواج جديد ، و قد أرادت زوجتك الجديدة ألا تنصرف عنها إلى المطالعة حتى تتفرغ لها أكثر ، فقامت باخفاء الكتاب في المكان الفلاني . لما أردت أن تطالع الدرس البارحة بحثت عن الكتاب فلم تجده!
يقول هذا العالم الطهراني : و لما قصدت المكان الذي ذكره الشيخ حسن و جدة الكتاب . ثم سألت زوجتي الجديدة فأقـّرت أنها قد جعلته نفس الموضع الذي دلني عليه صاحبي الشيخ.
و سألت الشيخ : كيف عرفت ذلك ؟
فقال : لي قضية لا أبوح بها لأحد ، لكني أؤثرك بها وحدك ؛ لأنك أستاذي:
كنت أعيش في إحدى القرى التابعة لبلدة مشهد – و ابي كان عالم القرية . و قبل عشرين عاماً توفى أبي .. فاجتمع رأي أهل القرية أن يجعلوا عمامة أبي على رأسي أخلفه فيهم . و ما زالوا يصرون على حتى صـّيروني عالمهم . أيامها كنت شاباً تجنح نفسي إلى هواها و أنانيتها ، و لم تطوع لي أن أقول : لا أعلم – إذا سئلت عما لا أعلم . و هكذا سلخت مدة عشرين عاماً بلا علم و لا معرفة بين هؤلاء الناس .. أحكي لهم في العقائد من عندي ، و أفتيهم من تلقاء نفسي في مسائل الحلال و الحرام و طباق ما يلائم ذوقي . و لعلي قد حكيت لهم – و لعشرات المرات – قضايا غير صحيحة و لا واقعية . و علاوة على هذا .. كنت أقبض سهم الامام (عليه السلام) من أموال الخمس ، و اتصرف به – بلا اذن شرعي .
98
و ما زلت على هذه السيرة .. حتى كان يوم كنت أنظر فيه على وجهي في المرآة . فعلق بصري بشيئ كان في صورتي ، جعلني أضطرب من الداخل . أن شيبا ًقد وخط شعر لحيتي ، فابيض شيئ منه . عندها أدركت أن نـُذر الشيخوخة قد لاحت في وجهي . و شعرت بالنفس اللوامة تخزني و تعنـفني ، و بالضمير يحاكمني : ترى .. إلى متى و أنت تقود هؤلاء الناس بالحيلة و الخداع و بلا معرفة و لا علم ؟!
عندها .. ما كان مني إلا قعدت على الأرض ، و قد تسلط عليّ بكاء مـرّ و نحيب حتى إذا حان وقت المساء .. مضيت إلى المسجد ، فصعدت المنبر ، و اعترفت للناس بحقيقة أمري . قلت لهم : إني كنت أفتيكم في كثير من المسائل بدون علم ، و أن جل ما عملتموه من أعمال دينية أعمال باطلة .. و لهذا فإني أعتذر إليكم و أطلب العفو منكم.
و ظن أهل القرية هؤلاء أني أقول هذا الكلام لأكسر غلواء النفس . و لكنهم إذ رأوني جاداً في كلامي جداً لا مجال معه للتواضع .. ابتدروني سـِراعاً ، و أخذوا ينهالون عليّ ضرباً و لكماً حتى أخرجوني من القرية.
و عافتـني زوجتي .. كما هجرني أبنائي ؛ لأني أمسيت مصدر عار لهم ، فاستنكفوا من الانتساب إلي . عندها يمـّمت وجهي نحو طهران ، أقطع المسافة وحدي مشياً على الأقدام. (1) .
هائماً كنت مـُصحـِراً في البرية العريضة بلا أنيس . و قد يمـّر بي اليوم و اليومان لا أذوق ماء و لا غذاء – و ما معي نقود .. حتى وافيت في نهاية الأمر إلى مشارف طهران . كنت قد ضقت ذرعاً لما اشتمل عليّ من الغم و لما أكابده من عسر و بؤس.
__________________
1- المسافة ما بين مدينة مشهد و مدينة طهران تزيد على (900 ) كيلو متر.
عندها جأرت إلى الله تعالى أستجير.
قلت : ربـّي .. أما أن تأخذني من هذه الدنيا ، و أمّا أن تفرج عنـّي . إنـّما فعلت هذا في سبيلك .. فخذ بيـدي ، و اجعلني من انصارك ، و اعف عن جرمي و جنايتي !
و إذا أنا كذلك .. و إذا بي أرى سيداً جليلاً ذا هيبة يمشي إلى جانبي في البرية ، فأدهشني مرآه في البداية : ترى .. كيف ظهر إلى جواري فجأة . و لا أكتم أن شيئاً من الخوف منه قد خامرني في ذلك الوقت ، بيد أني أطمأننت إليه لماناداني باسمي في غاية الرقة و المؤانسة ، قائلاً لي : لا تحزن ، إن الله يعفو عنك . و قال كلمات أخرى في هذا المعنى جعلتني كمن أنطلق دفعة واحدة من عـِقال كان يكبله .. و وقر في قلبي أن هذا الرجل قد جاء يعنـيني.
ثم أن هذا السيد قال لي : تذهب صباح غد إلى مدرسة (الميرزا محمد الوزير) في طهران ، و تقول لمتولي شؤون المدرسة : الغرفة الفلانية التي فرغت اليوم ينبغي أن تحولها إلى أسكن فيها . و لسوف يحـّول إليك الغرفة للسكنى . و اذهب بعدها إلى العالم الفلاني ( الذي هوأنت يا استاذي) و قل له يدرّسك ، فلا يقدر ألا يفعل . و خذ هذه النقود ، و عليك بالدرس . و كلما ضاق صدرك أذكرني آتيك و أتكلم معك .
و فعلت ما أوصاني ، فجئت إليك ، فأذنت لي في الحال أن أستفيد من درسك ، إذ جعلت لي درسا ًخاصاً . و ما كنت ذكرته لك – خلال ارتباطي بك – من المغيبات .. فانما هو الذي علـّمنيه لأخبرك به .
قال العالم الطهراني : عندئذ قلت للشيخ حسن : أيمكن أن تستأذن لي لألقاه ؟
فقال على البساطة : نعم ، فأنا أراه في أكثر الأوقات ، و لا بد أنه سيأذن لك !
في ذلك اليوم ذهب الشيخ حسن .. لكنـّه لم يعد . و تصرمت أيّـام ، و لم يحضر الدرس . و بعد أيـّام جاءني و قال : تكلمت مع المولى في صدد الاستئذان للقائه .. لكنه أوصاني أن أقول لك : متى ما كسرت نفسك كما فعل الشيخ حسن و تجاوزتها مثله سالكاً في طريق الدين .. فأننا نحن نأتي لرؤيتك ) . و أقول لك معتذراً أن الامام ولي العصر (عليه السلام) قال لي ألا أحضر درسك بعد الآن .
قال العالم الطهراني : بعدئذ ودّعني الشيخ حسن و انصرف . و كان ذلك آخر عهدي به.
لا ريب أن (الزيارة الجامعة ) من أصح الزيارات التي يمكن أن تتلى في بيوت النبي الأكرم (صلى الله عليه و آله ) أي في مزارات الأئمة الأطهار و في مقامات أبنائهم (عليهم السلام).
إن هذا النص الشريف للزيارة يتضمن معرفة عالية بالامام و أهل بيت العصمة و الطهر (صلوات الله عليهم اجمعين) و قد رُوي مراراً أن أناساً زاروا الامام بقية الله (ارواحنا فداه) بالزيارة الجامعة ، و كان الامام (عليه السلام) يقر مضامينها و يؤيدها.
و إلى جوار ما في ( الزيارة الجامعة ) من معاني التأدب ازاء المقام المقدس للأئمة الطاهرين .. فان الزائر بها يعبر فيها عن محبته الفياضة لأهل البيت (عليهم السلام) . و آية ذلك : العبارة التي تتكرر فيها دالة على التفدية و التضحية من قِبل من يتلو الزيارة ، و هي : ( بأبي انتم و أمي و أهلي و مالي و أسرتي) .
يقول أحد كبار العلماء – و قد تحفظ على ذكر اسمه في هذا الكتاب : كان ذلك اليوم يوم احد لما مضيت إلى الحرم الطاهر للامام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) .
و في داخل الحرم ، عند جهة الاقدام المباركة .. رأيت رجلاً جالساً مستقبل القبلة . و لكن وضعه و تصرفه مما يبعث على النفرة منه . وكان لا مناص من الجلوس إلى جانبه ، فما ثمة مكان خال غيره .
كنت في جلستي تلك أتوسل بامام العصر (عليه السلام) أن يمن عليّ بألطافه و أياديه.
المرء المجاور لي .. كان قد تناول آنفاً كتاب (مفاتيح الجنان) ليقرأ (الزيارة الجامعة) . لكنه – على طباق سيرته الذميمة – قد استولى عليه الكسل و الملل ، و لم يقرأ من الزيارة أكثر من سطرين أو ثلاثة . دفع إلى كتاب (المفاتيح ) وقام و انصرف . أما أنا فقد سرني ذلك ، إذا لم أكن قد وجدت كتاباً من قبل أقرأ فيه الزيارة ، و قد أصبح الكتاب الآن في يدي . ثم أن هذا الرجل قد ترك مجاورتي و مضى فصرت في طلاقة من ظلمة مجالسته.
و لم يكن قد خطر لي أن الله (عزوجل) قد أراد لي – في هذه الزيارة – أن أغدو موضع لفيض عظيم يتـنـزل عليّ.
في هذه الأثناء .. شاهدت سيداً جليلاً جالساً قربي عند الجدار . فما كان منّي إلى أن أمسكت بيده ، و قبلتها . نظر إلىّ هذا السيد – و قد أدركت بعدئذ ادراكاً قطعياً أنه امام الزمان (عليه السلام) . ثم غير مكانه و قعد في الموضع الذي خلا بانصراف ذلك الرجل.
سألني السّيد – أول الأمر – عن أحوالي .. و قال : من أين أتيت ؟ فأجبته . ثم قال لي : الآن امام زمانك هنا ، و أنت لا تعرفه ؟!
الزيارة الجامعة يزار بها جميع المعصومين.
نحن نعلم بما يصيب محبينا.
شهداؤنا أحياء ، و كذا أمواتنا.
ثم أني قرأت (الزيارة الجامعة) أخاطب بنصوصها الامام علي بن موسى الرضا (عليه السلام).
فقال لي السيّد : ألا تريد شيئاً ؟
قلت : أنت ابن النبي ، فادع بتعجيل فرج الامام بقية الله (عليه السلام) ان الظلم الذي يقع في العالم قد أدمى قلب مولانا صاحب الزمان.
عندها بكى السيد بكاءً كثيراً ، و لم يقل شيئاً .بعدها قلت له – لم أكن قد عرفته حتى الآن - : أبلغ وصيتي مولاي ولي العصر (ارواحنا فداه) . و لكني افتقدت الرجل فجأة من جواري.
ثمة حادثة قد حدثت لي في هذا السياق ، عليّ أن أتقدم بسببها إلى الامام بقية الله (ارواحنا فداه) بما لا حد له من الشكر و الامتنان :
في أحد الأيام – كما هي عادتي – كنت في (مؤسسة البحث و الانتقاد الديني ) أجيب عن أسئلة السائلين و حدث أن دخل رجل عالم تبدو عليه سيماء الطهر و الصدق (وقد علمت فيما بعد أنه رجل جليل القدر) . دخل هذا الرجل باكياً ، و هو يهمهم همهمة يبدي بها مودته لي.
وقع في ظني – في البداية – أنه ربما كان قد قرأ ما ألفته ، فخال – خطأ – أني مستفيد حقاً من المعاني التي دونـّتها فيما ألفت . حتى إذا رآني أخذته هذه الحالة من الهمهمة و البكاء.
ثم أنه نفسه شرح الموضوع الذي جاء من أجله ، فقال : قبل مدة سمعت من ينتقدك و يذمك . فوجدت في قلبي موجدة عليك و ساء ظني بك . حتى كانت البارحة (ليلة الجمعة 28 من ربيع الثاني 1360هـ ش ) إذا رأيتك في عالم الرؤيا واقفاً في حرم الرضا (عليه السلام) و معك جمع من كبار العلماء ، و كنت تخاطب الامام ولي العصر (عليه السلام) بالزيارة الجامعة . و أولئك العلماء كانوا يقرؤون الزيارة بقراءتك .. حتى تمت الزيارة . عندها التفت إلى الامام ولي العصر (عليه السلام) و أثنى عليك . ( وكان هذا الرجل قد دوّن ما قاله الامام (عليه السلام) في هذا الصدد ، و سلمني مدوّنته . وهي ما تزال لديّ بخطه و توقيعه) . و لئلا يُـتهم هذا العالم بالكذب .. فإني لا أورد هنا كل ما ذكره بل أكتفي بايراد بعض العبارات التي رأيت آثارها ظاهرة فيما بعد .. مما لا يخلو من فائدة للآخرين.
و وفق ما جاء في هذه المدونة فإن الامام (عليه السلام) قد قال : قام بخدمات دينية و قضايا مهمة بلا خوف ؛ لأننا نحن نسـنده.
إنه لم يتوان عن إعانة المحتاجين – خاصة اليتيم و المسكين و الفقير.
و قال الامام (عليه السلام) : نحن مراعون لأعماله.
قال له : منهجه في التبليغ عال جداً ، و مقبول عندالله و عند رسول الله (صلى الله عليه و آله )
( و في هذا الموضع من المدونة مسائل أراني معذوراً عن ذكرها) . و بعدها جاء قول الامام بقية الله (عليه السلام) : كلما أردت أن تراني فتوسل بأمي .
و عقب هذا كتب هذا العالم الجليل : و عندها دعا لك مولاي صاحب العصر و الزمان .. ثم اننا جميعاً عانقنا الاما و عرضنا عليه ما يهمنا من الأمور . و قد سألت الامام شيئاً ينبغي أن يظل في طيّ الكتمان . ثم ذكر هذا العالم أموراً أخرى تشعر بصدق رؤياه.
و من العجيب أني قبل هذا لم أكن قد أنفقت و لا دقيقة من الوقت لحفظ الزيارة الجامعة عن ظهر قلب . و لكن ما أن قصّ هذا الرجل رؤياه و مضى .. حتى وجدتني حافظاً لنص الزيارة الجامعة . و من التزمت أكثر من السابق بتلاوة هذه الزيارة في مقامات الأئمة و أبنائهم (عليهم السلام).
و هنا لا بد من التنويه ببعض النقاط:
الأولى :
أكان صحيحاً أن ينفر هذا العالم – كما قال – من ذلك المرء الجالس في الحرم ؟
و جواب هذا أن بعض الأفراد – بسبب سلوكهم الشيطاني أو البهيمي – إنما ينفر منهم حتى الامام (عليه السلام) .. سواء أكانوا في الحرم للزيارة ، أم كانوا في المسجد لأداء عبادة .
أن افراداً طالما دخلوا الحرم و المسجد للسرقة أو للنظر إلى النساء ؛ إو إرضاء للشهوة الجنسية (و العياذ بالله) . أو دخلوا و هم يحملون عقائد فاسدة . و ما يقومون به عندئذ من اعمال عبادية مما لا قيمة له و لا شأن ، و لا يلحقهم منه غير الشقاء .. ذلك أن الله تعالى يقول في القرآن الكريم : (و لا يزيد الظالمين إلى خساراً).
و أما مصدر ادراك هذا العالم لسلوك الرجل و معرفته بسيرته .. فلعله كان على معرفة به سابقة . أو ان الله (تبارك و تعالى) قد كشف له في حينها الغطاء ، فأدرك منه ما أدرك.
يروي رجل أن رأى في المنام ليلة .. كأنه دخل الحرم الشريف للامام الرضا (عليه السلام) . و هنالك شاهد الامام نفسه جالساً على الضريح واضعاً سيفاً على ركبتيه . وشاهد الزائرين – إلا قليلاً – على هيئة حيوانات !
يقول هذا الرجل : أقبل نحوي من بين هذه الحيوانات خنزير عليه (خرج) مقلم و علامات معينة . فقال لي الامام (عليه السلام) : ليكن هذا الخنزير ضيفاً عند ؛ ثلاثة أيام !
قلت : مولاي .. ألا يوجد ثمة انسان لكي أضيف هذا الخنزير؟!
فقال الامام (عليه السلام) : كل هذه الحيوانات قد ضيفتها ، و عليك أن تضيف هذا الخنزير ثلاثة أيام.
و استيقظت من النوم ، و أنا لا أعلم تأويل هذه الرؤيا . و ما كادت شمس ذلك اليوم تشرق حتى طرق باب الدار . فقمت و فتحت الباب . أنه أحد أصدقائي ، قد جاء إلى يطلب مني أن يمكث في دارنا ثلاثة أيام ضيفاً عليّ!
أمّا أنا فقد أدهشني إذ وجدتن الخرج المقلّم و العلامات المعينة لخنزير الرؤيا . . وجدتها في صديقي القديم هذا !
قلت له : تفضل ، لا مانع .. خاصة و أن الامام الرضا (عليه السلام) قد حولك البارحة عليّ لأضيفك.
قال : و كيف ؟ !
قلت : قسماً بالله ، لن أخبرك إلا في اليوم الأخير .
ظن الرجل أن ذلك كان تلطفاً به من الامام (عليه السلام) – و ربما كان الأمر حقاً كذلك و لكني لم اخبره بالموضوع لئلا أنغص عليه حاله . ثم أن هذا الإخبار مغاير لقول النبي الأكرم (صلى الله عليه و آله ) : (أكرم الضيف و لو كان كافراً ).
و أخبرته في اليوم الثالث ، فأخذ يبكي بكاءً طويلاً . و قال لي : ما رأيته مني في الرؤيا .. مرتبط بعمل لي يختلط أحياناً بالمال الحرام.
و من هذا تبين أنه من الجائز لامرئ يذهب إلى زيارة الامام الرضا (عليه السلام) أن يظهر بصورة حيوانية ، لوجود صفة حيوانية في سيرته ، مثل أكل المال الحرام.
الثانية :
نقل الرجل العالم في مدونته عن الامام صاحب العصر و الزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف) أنه قال : الزيارة الجامعة يزار بها جميع المعصومين .
و لعل المراد بهذه العبارة : الائمة الاثناعشر و الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء (سلام الله عليهم اجمعين) . و لا يدخل معهم – في خطاب الزيارة – رسول الله (صلى الله عليه و آله ) ؛ ذلك لأن تعبير (و ذرية رسول الله ) و كذا تعبير ( و إلى جدكم بعث الروح الأمين) و تعبيرات آخرى عديدة في نص الزيارة ..مما لا يخاطب به رسول الله صلى الله عليه و آله.
الثالثة :
نقل صديقنا العالم عن مولانا و مولى الجميع بقية الله (أرواحنا فداه) أنه قال : كلما أردت أن تراني فتوسل بأمي.
ترى .. من المقصود بكلمة (أم) هنا ؟ هل هي السيدة (نرجس) سلام الله عليها .. أم هي الصديقة فاطمة الزهراء (عليها السلام) ؟
و في الجواب نقول : أن هذه الكلمة تنصرف – في التبادر الذهني – اكثر ما تنصرف إلى السيدة الزهراء (سلام الله عليها) ؛ فانها (صلوات الله عليها ) سريعة الإجابة لكافة مرادات المريدين . و إذا سأل الله احد أن يوفقه للقاء الزمان (عليه السلام ) فأنه يفوز بما أراد عاجلاً ..خاصة إذا شفع هذا الرجاء بأن يصلي صاحبه صلاة الاستغاثة بالصديقة الزهراء (عليها السلام) .. التي ذكرها مؤلف كتاب (مفاتيح الجنان) . و مع هذا فإن المقام العالي للسيدة نرجس (روحي له الفداء) مما لا يمكن تجاوزه 0 في نظر الامام (عليه السلام) – بهذه السهولة .
أن للسيدة الكريمة نرجس (عليها السلام) منزلة رفيعة عزيزة لدى أهل البيت (عليهم السلام) .. حتى أنها قد خاطبت السيدة (حكيمة) عند مولد الامام ولي العصر (عليه السلام) بقولها : يا سيدتي . فقالت لها السيدة حكيمة : بل أنت سيدتي . و كأنها تريد أن تقول لها : أنتِ التي ساهمتِ في إيجاد الجسد المقدس لروح الإمكان و خليفة الله و مظهره ، و أنت التي أنجبت من ينتظره كافة الأنبياء و الأولياء ، و ينتظره الله ( جل جلاله) سلام الله عليك .
و لهذا فلا يبعد أن تكون السيدة نرجس (عليها السلام) هي المراءة بلفظة (أمي) التي ذكرها الامام (عليه السلام) . و قد جرب مرارا و تكراراً أن ينال أناس كبرى حاجاتهم عندما توسّلوا إلى الله بهذه السيدة الجليلة .
في مدينة دمشق
كنت منشغلاً بتأليف هذا الكتاب .. لما سافرت إلى دمشق في شهر ذي القعدة الحرام عام (1404) لزيارة المرقد المقدس للسيدة زينب الكبرى (سلام الله عليها)
و أود هنا أن أدون جانباً من مشاهداتي في الأعتاب المقدسة لأهل بيت النبي (صلى الله عليه و آله ) ، و في مراقد الذين دفنوا في تلك البقاع من صحابة رسول الله (صلى الله عليه و آله ) .
في ليلة مولد الامام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) الموافقة للحادية عشرة من ذي القعدة (1404هـ) .. كنت و عدداً من الاصدقاء في احتفال أقيم بهذه المناسبة في مجلس أحد العلماء الإيرانـيين ، الذي كان يسكن في ضاحية السيّدة زينب (عليها السلام ) في الشام .
ظفر ، في ذلك المجلس ، كل من كانت له حاجة – و أين هو الذي لم تكن له حاجة ؟! – بنوال ما أراد . لقد كان المجلس محفوفاً بعناية أهل بيت العصمة (عليهم السلام) و خاصة الإمام بقية الله (ارواحنا فداه) .. فالمجلس هذا قد أقيم في وسط الأمويين ، أي من كان هواهم مع بني أمية ، و أكثر سكنة المنطقة من أهل البغض و الشنآن لأهل بيت الطهر و العصمة (عليهم السلام) .. فكيف لا يكون اذن محفوفاً بعناية الامام (ارواحنا فداه) ؟!
و على أي حال .. كانت لي أنا أيضاً في ذلك المجلس حاجات ، إحداها أن أوفق لتدوين هذا الكتاب.
بعد أيام قليلة ، و خلال ارتباط روحي خير ما يعبر عنه أن أقول أني فهمت في الرؤيا أن الامام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) قال لي : نحن قد هيأنا لك من قبل ما يلزم لتدوين الكتاب . لقد أخلينا لك دار أحد أحبتنا و هيأناها ، و ملأنا قلبه بمحبتك و مودتك .. ألم تر إليه كيف تلقـّاك بحفاوة بالغة ؟!
أليس من التوفيق لك .. أن وفـّرنا لك هذا ؟!
فلم تتكاسل ، و لا تواصل عملك ؟!
قلت مولاي .. ما لدي مصادر للتأليف . فألهمت أن المصادر ستوفر ، لكني لم أعرف من أين سأحصل عليها.
و مرت أيام .. كنت عاكفاً في أثنائها على تدوين هذا الكتاب ، أعتمادا ًعلى المخزون في ذاكرتي . حتى إذا وصلت إلى موضع لابد فيه من مراجعة بعض المصادر .. فكرت في سري : ربما كان عليّ أن أراجع بعض علماء الشيعة المقيمين في دمشق ، لأستعير ما احتاج من كتب . و ما ان خطر في بالي هذا الخاطر و تفطن له مضيفي .. حتى حدث – بإرادة ولي الله الأعظم الامام صاحب الزمان (عليه السلام) الذب به تتم الصالحات – أن اشترى هذا الرجل المضيف دورة كاملة من كتاب (بحار الأنوار) و جاء به إلى الدار.
و ما كان صاحبي هذا ليشتري الكتاب في غير هذه الحالة . و حتى لو كان قاصداً من قبل أن يقتني الكتاب لما حصل عليه في دمشق بهذا اليسر ، و في هذه الطبعة التي هي أجود طبعاته .
و صفوة القول . أني لا أستطيع أن أذكر في هذا السياق أكثر مما ذكرت . بيد أني استطيع تلخيص الموضوع بعبارة واحدة ، هي أن كل ما ظفرت به من توفيق في تأليف هذا الكتاب – عدا ما يمكن أن يكون فيه من خطأ – فإنما هو من ألطاف الامام بقية الله (روحي و ارواح العالمين لتراب مقدمه الفداء).
و يسترعي الانتباه في أول جزء تناوله من كتاب البحار لأتفحص طباعته و تجليده ( و هو كتاب يربو عدد أجزائه على المئة ) أنه كان الجزء التاسع و الستين ، الذي فتحته فطالعني فيه الصفعة 254 من الباب 37 في (صفات خير العباد و أولياء الله ).
و تفاءلت بهذا الموافقة التي هي مرشد و رائد معنوي . و عزمت بعون الله أن أختار من هذا الجزء ما ينسجم و الموضوعات التي كنت مشتغلاً في التأليف عنها ، لكي يمتلئ محبوا امام الزمان (عليه السلام) بالكمالات المعنوية و الروحية ، حتى يصلوا إلى مقام أولياء الله (جل جلاله).
هذا الواقعة ذكرها أحد كبار المراجع . و قد رواها عنه رجل ثقة . قال : حكي لي أحد علماء طهران حادثة جرت له .. على هذا النحو :
طرق باب دارنا يوماً رجل قد وخطه الشيب .. قائلاً لي – و اسم هذا الرجل الشيخ حسن : أريد ان أدرس العلوم و المعارف التي تدرس في الحوزة العلمية . و ينبغي أن تدرّسني في كتاب (جامع المقدمات). (1)
أما أنا فقد كان لي من كثرة الأعمال ما يشغلني عن تدريس هذا الرجل . ثم أن التدريس في كتاب المبتدئين هذا لا يناسب شأني . و مع هذا كله وجدتني أجيبه إلى ما أراد .. و ابتدأنا درسنا فعلاً .
بمرور الأيام ألفت الشيخ حسن هذا و انبسطت إليه ، حتى غدا من الخواصّ. فكان يقضي أكثر أوقاته معي في الدار .
و حدث مرة أن كان لي شغل قد تعـّوق انجازه في إحدى دوائر الدولة أيام الحكم الملكي في إيران . فاقترح على أحدهم أن أعطيه مبلغاً من المال في مقابل تعهده بانجاز هذا الشغل . و كنت على وشك أن أوافق على هذا الأقتراح عندما قال لي الشيخ حسن : ليس في وسع هذا الشخص أن يحقق لك ما أردت . أن هذا الشغل مما لا يمكن أن يتحقق أصلاً . في حينها لم أدرك ما قصد الشيخ حسن . و قد بات واضحا ًفيما بعد – على كثرة المساعي التي بذلتها في هذا الصدد – ان الشغل لم ينجز.
في أحد الأيام .. كنت ألقي درساً عليه ، و لم أكن قد حضّرت الدرس قبل التدريس . فقال لي : لم تقرأ الدرس البارحة .. إذ انك حديث عهد بزواج جديد ، و قد أرادت زوجتك الجديدة ألا تنصرف عنها إلى المطالعة حتى تتفرغ لها أكثر ، فقامت باخفاء الكتاب في المكان الفلاني . لما أردت أن تطالع الدرس البارحة بحثت عن الكتاب فلم تجده!
يقول هذا العالم الطهراني : و لما قصدت المكان الذي ذكره الشيخ حسن و جدة الكتاب . ثم سألت زوجتي الجديدة فأقـّرت أنها قد جعلته نفس الموضع الذي دلني عليه صاحبي الشيخ.
و سألت الشيخ : كيف عرفت ذلك ؟
فقال : لي قضية لا أبوح بها لأحد ، لكني أؤثرك بها وحدك ؛ لأنك أستاذي:
كنت أعيش في إحدى القرى التابعة لبلدة مشهد – و ابي كان عالم القرية . و قبل عشرين عاماً توفى أبي .. فاجتمع رأي أهل القرية أن يجعلوا عمامة أبي على رأسي أخلفه فيهم . و ما زالوا يصرون على حتى صـّيروني عالمهم . أيامها كنت شاباً تجنح نفسي إلى هواها و أنانيتها ، و لم تطوع لي أن أقول : لا أعلم – إذا سئلت عما لا أعلم . و هكذا سلخت مدة عشرين عاماً بلا علم و لا معرفة بين هؤلاء الناس .. أحكي لهم في العقائد من عندي ، و أفتيهم من تلقاء نفسي في مسائل الحلال و الحرام و طباق ما يلائم ذوقي . و لعلي قد حكيت لهم – و لعشرات المرات – قضايا غير صحيحة و لا واقعية . و علاوة على هذا .. كنت أقبض سهم الامام (عليه السلام) من أموال الخمس ، و اتصرف به – بلا اذن شرعي .
98
و ما زلت على هذه السيرة .. حتى كان يوم كنت أنظر فيه على وجهي في المرآة . فعلق بصري بشيئ كان في صورتي ، جعلني أضطرب من الداخل . أن شيبا ًقد وخط شعر لحيتي ، فابيض شيئ منه . عندها أدركت أن نـُذر الشيخوخة قد لاحت في وجهي . و شعرت بالنفس اللوامة تخزني و تعنـفني ، و بالضمير يحاكمني : ترى .. إلى متى و أنت تقود هؤلاء الناس بالحيلة و الخداع و بلا معرفة و لا علم ؟!
عندها .. ما كان مني إلا قعدت على الأرض ، و قد تسلط عليّ بكاء مـرّ و نحيب حتى إذا حان وقت المساء .. مضيت إلى المسجد ، فصعدت المنبر ، و اعترفت للناس بحقيقة أمري . قلت لهم : إني كنت أفتيكم في كثير من المسائل بدون علم ، و أن جل ما عملتموه من أعمال دينية أعمال باطلة .. و لهذا فإني أعتذر إليكم و أطلب العفو منكم.
و ظن أهل القرية هؤلاء أني أقول هذا الكلام لأكسر غلواء النفس . و لكنهم إذ رأوني جاداً في كلامي جداً لا مجال معه للتواضع .. ابتدروني سـِراعاً ، و أخذوا ينهالون عليّ ضرباً و لكماً حتى أخرجوني من القرية.
و عافتـني زوجتي .. كما هجرني أبنائي ؛ لأني أمسيت مصدر عار لهم ، فاستنكفوا من الانتساب إلي . عندها يمـّمت وجهي نحو طهران ، أقطع المسافة وحدي مشياً على الأقدام. (1) .
هائماً كنت مـُصحـِراً في البرية العريضة بلا أنيس . و قد يمـّر بي اليوم و اليومان لا أذوق ماء و لا غذاء – و ما معي نقود .. حتى وافيت في نهاية الأمر إلى مشارف طهران . كنت قد ضقت ذرعاً لما اشتمل عليّ من الغم و لما أكابده من عسر و بؤس.
__________________
1- المسافة ما بين مدينة مشهد و مدينة طهران تزيد على (900 ) كيلو متر.
عندها جأرت إلى الله تعالى أستجير.
قلت : ربـّي .. أما أن تأخذني من هذه الدنيا ، و أمّا أن تفرج عنـّي . إنـّما فعلت هذا في سبيلك .. فخذ بيـدي ، و اجعلني من انصارك ، و اعف عن جرمي و جنايتي !
و إذا أنا كذلك .. و إذا بي أرى سيداً جليلاً ذا هيبة يمشي إلى جانبي في البرية ، فأدهشني مرآه في البداية : ترى .. كيف ظهر إلى جواري فجأة . و لا أكتم أن شيئاً من الخوف منه قد خامرني في ذلك الوقت ، بيد أني أطمأننت إليه لماناداني باسمي في غاية الرقة و المؤانسة ، قائلاً لي : لا تحزن ، إن الله يعفو عنك . و قال كلمات أخرى في هذا المعنى جعلتني كمن أنطلق دفعة واحدة من عـِقال كان يكبله .. و وقر في قلبي أن هذا الرجل قد جاء يعنـيني.
ثم أن هذا السيد قال لي : تذهب صباح غد إلى مدرسة (الميرزا محمد الوزير) في طهران ، و تقول لمتولي شؤون المدرسة : الغرفة الفلانية التي فرغت اليوم ينبغي أن تحولها إلى أسكن فيها . و لسوف يحـّول إليك الغرفة للسكنى . و اذهب بعدها إلى العالم الفلاني ( الذي هوأنت يا استاذي) و قل له يدرّسك ، فلا يقدر ألا يفعل . و خذ هذه النقود ، و عليك بالدرس . و كلما ضاق صدرك أذكرني آتيك و أتكلم معك .
و فعلت ما أوصاني ، فجئت إليك ، فأذنت لي في الحال أن أستفيد من درسك ، إذ جعلت لي درسا ًخاصاً . و ما كنت ذكرته لك – خلال ارتباطي بك – من المغيبات .. فانما هو الذي علـّمنيه لأخبرك به .
قال العالم الطهراني : عندئذ قلت للشيخ حسن : أيمكن أن تستأذن لي لألقاه ؟
فقال على البساطة : نعم ، فأنا أراه في أكثر الأوقات ، و لا بد أنه سيأذن لك !
في ذلك اليوم ذهب الشيخ حسن .. لكنـّه لم يعد . و تصرمت أيّـام ، و لم يحضر الدرس . و بعد أيـّام جاءني و قال : تكلمت مع المولى في صدد الاستئذان للقائه .. لكنه أوصاني أن أقول لك : متى ما كسرت نفسك كما فعل الشيخ حسن و تجاوزتها مثله سالكاً في طريق الدين .. فأننا نحن نأتي لرؤيتك ) . و أقول لك معتذراً أن الامام ولي العصر (عليه السلام) قال لي ألا أحضر درسك بعد الآن .
قال العالم الطهراني : بعدئذ ودّعني الشيخ حسن و انصرف . و كان ذلك آخر عهدي به.
نائبه المديره- عدد المساهمات : 189
نقاط : 507
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 16/12/2011
مواضيع مماثلة
» قصة قصيرة امام الزمان (عليه السلام) يغسل الدم
» قصص الامام علي عليه السلام جزء 10
» قصة الامام علي عليه السلام مع الاسد
» زيارة الامام الحسين عليه السلام اباذر الحلواجي
» علي عليه السلام محطم الاصنام
» قصص الامام علي عليه السلام جزء 10
» قصة الامام علي عليه السلام مع الاسد
» زيارة الامام الحسين عليه السلام اباذر الحلواجي
» علي عليه السلام محطم الاصنام
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى